عجيب امر الحب
سأحدثكم العجب العجاب وسأنقلكم عبر سفن كلماتى وخيول افكارى إلى جزيرة نائية وبعيدة كل البعد
جزيرة يحكمها شخص واحد ويقطنها شخص واحد
جزيرة موصدة الأبواب ومغلقة الأشرعة عن كل شيئ إلا عن طيف خيال يزور أو بنات أفكار تحدث عن القائد الأوحد
المفدى وتمجده وتدعو له بموفور الصحة ودوام العافية ...
لا أظنكم إلا عرفتم ما هيى هذه الجزيرة وما هو هذا السلطان ؟؟؟
فجزيرتنا لا تمتلك التعريف لكلاسيكي القانوني للدولة فجزيرتنا لا تقلها سماء ولا تحملها ارض ولا تمطرها سحب ولا تعيش
بينها طيور ولا تنبت على أديمها زهور ولا ورود...
إنها قلبى وسلطانه ذلك الغزال الذى سلبنى حرية تقرير المصير وأقامنى مستعمرة لحبه وهيامه فى وقت يتشدق فيه العالم
بالحرية والديمقراطية والإستقلال ..
لا تظنونى ابكى على حرية ولا انشد استقلالا ولا اركض وراء ديمقراطية فالحرية فى عالم الحب أن تستعبد. والإستقلال فى
قواميس الغرام أن تسلب الإرادة. والديمقراطية فى نواميس العشق أن تتقبل ديكتاتورية المحبوب وقساوة عينيه بصدر رحب
ونفس طويل ...
عجيب أمر الحب والهوى ..........
فالحب أن تمنح نفسك للمحبوب راغبا وتتبعه فى كل شيئ راضيا ..
تتعذب بحور العين ودعجها ومع ذلك تفديها بالغالى والنفيس .وتتصدع كبدك وتتقطع انفاسك بعشق ذلك المبسم المضيئ ومع
ذلك تتعقبه اطراف الليل وآناء النهار .
.
وتموت وتبعث فى اليوم ألف مرة بمجرد سماع حديث ذى شجون يزيده فم المحبوب طيبا وتزيده افكاره حلاوة وسلاسة ومع
ذلك تظل مصرا أن تموت قبل نهاية العمر وأن تحشر قبل يوم الميعاد ..........
يسومك المحبوب سوء العذاب وتضربك الأيام بعادياتها ويسلبك الدهر البغيض أيام الصفاء وحلاوة القرب ومع ذلك تظل
تأمل من المحبوب جزاء ومن الأيام وصلا ومن الدهر قربا وصفاءا وهيهات الزمن من ذلك فالدهر عدو المحب اللدود
وليست الأيام إلا شبل من ذلك الأسد ورثت منه بغض المحبين والإصرار على تشتيتهم وتفريقهم أيما تفريق...........
يتغير كل شيئ فى هذا الوجود ويصعد مبدء ويهبط آخر بفضل قانون القوة وسنة النشوء والإرتقاء ويبقى الحب عصيا على
كل ذلك يتجلى على الوجوه ويرسو على العيون ويترسب على سويداء القلوب بنفس الطريقة التى بدأها مع أول حب عذري
وأول دمعة حب صادقة وأول أنة حب أيقظت النوام وكسرت رتابة ليل المتهجدين القائمين ...
فها أنا فى القرن الواحد والعشرين أشكو نفس الأعراض ونفس العوامل التى شكاها قيس وجميل وكثير ورميو وسيشكيها من
بعد كل من منحته الأيام قلبا شغوفا وعينا غير مصابة بعمى الألوان تميز الغث من السمين وتسعى جاهدة فى ان ترتع فى
مرابع الحسن وبساتين الجمال............